حيوانات المزرعة

جنون البقر

جنون البقر

جنون البقر
جنون البقر

جنون البقر

مرض جنون البقر هو مرض معدي يتسم بظهور أعراض عصبية متصاعدة ومميتة في الأبقار البالغة، ويشابه مرض الإسكرابي في الأغنام. تشمل الأعراض تغيرات في السلوك والحركة والحساسية والاستجابة. يتميز المرض بعدم ارتفاع درجة الحرارة وفترة حضانة طويلة للمرض، وعدم وجود استجابة مناعية له. يُعتقد أن انتشار المرض يعود إلى أخطاء تقنية في معالجة الأعلاف المصنعة التي تحتوي على مخلفات الأغنام والأبقار.

أثار المرض اهتمامًا عالميًا بسبب احتمالية ارتباطه بأمراض عصبية مشابهة ومميتة في الإنسان. كما يحمل أهمية اقتصادية كبيرة نظرًا لتأثيره على التجارة الدولية للحيوانات الحية واللحوم ومشتقاتها. وبالإضافة إلى ذلك، يتسبب المرض في خسائر اقتصادية هائلة نتيجة تكاليف اكتشافه والتدابير المتخذة لمكافحته والسيطرة عليه. تم اكتشاف المرض لأول مرة في المملكة المتحدة عام 1986، ومنذ ذلك الحين انتشر المرض بشكل وبائي في أبقار إنجلترا.

وصل الوباء إلى ذروته بين عامي 1992 و1993، ومع اتخاذ إجراءات للسيطرة على المرض، بدأت حالات الإصابة بالمرض تنحسر. وظهر المرض بشكل وبائي أيضًا في أيرلندا الشمالية. بعد ذلك، انتشر المرض في الأبقار المستوردة من المملكة المتحدة في عدة دول، بما في ذلك عمان وألمانيا والدانمرك وإيطاليا. وظهر المرض أيضًا في الأبقار المحلية في عد

ة دول أوروبية مثل فرنسا والبرتغال وسويسرا وجمهورية أيرلندا وألمانيا والدانمرك وبلجيكا. وتم تسجيل حالات في جزر فوكلاند وكندا. ولم يتم تشخيص المرض في مصر، ويجدر بالذكر أنه لم يتم تنفيذ أي من البرامج التي أوصى بها المكتب الدولي للأوبئة في باريس لمراقبة المرض في مصر.

مسبب لمرض جنون البقر

مسبب المرض هو عامل معدي قابل للانتقال يعرف بالبريون المحور. يتميز هذا البريون بأنه نوع من البروتين خالٍ من الأحماض النووية ولا تؤثر عليه المؤثرات التي تسبب تحلل الأحماض النووية. يتشابه مع العامل المسبب لمرض الإسكرابي في الأغنام، ولم يتم تحديد ما إذا كان العامل المعدي المسبب لجنون البقر هو نفس العامل المسبب للإسكرابي أم أنه مستقل عنه. يتميز البريون المسبب لجنون البقر بعدم تسببه في أي رد فعل مناعي بسبب صغر حجمه المتناهي، وبالتالي لا يوجد طريقة لاكتشافه في الحيوان الحي.

يتميز هذا العامل بمقاومته الكبيرة للمؤثرات البيئية وعدم تأثره بمعظم وسائل التعقيم الفعالة ضد الفيروسات، حيث يقاوم الغلي والتجميد السريع ولا يتأثر بمحلول الفورمالين بتركيز 20٪ والتسخين الشديد. كما أنه لا يتأثر بالأشعة فوق البنفسجية، وتم اكتشاف أنه يحتفظ بقدرته على العدوى في أنسجة المخ المدفونة في التربة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. ومع ذلك، يمكن التعقيم بالبخار ومحلول الكلورين بتركيز 2٪ ومحلول هيدروكسيد الصوديوم بتركيز 4%.

يتم إنتاج البريون الطبيعي (PrPc) كمكون هام في خلايا الجهاز العصبي للحيوانات، ويتجدد بواسطة إنزيمات الخلية المحلية للبروتين. أما البريون المسبب للمرض (PrPsc) فإنه لا يتأثر بإنزيمات الخلية المحلية

، بل يتجمع في الحويصلات مشكلاً فجوات مستديرة أو بيضاوية في الخلايا العصبية، مما يشبه الإسفنج. ويمكن أن يظهر البريون المسبب للمرض في المخ إلى جانب الفجوات خيوطًا تشبه تلك التي تظهر في مرض الإسكرابي.

مصادر وطرق نقل العدوى

  • الدراسات الوبائية التي أجريت في إنجلترا أشارت إلى أن العامل المسبب لجنون البقر ظهر نتيجة تعرض الأبقار بكثافة لأعلاف تحتوي على مسحوق لحم أو عظم مصنع من أغنام تحمل العامل المسبب للأسكرابي. وقد تم معالجة هذه الأعلاف بطرق صناعية غير صحيحة مما أدى إلى استمرار وجود العامل المسبب في هذه الأعلاف وتكرار هذه الدورة من خلال إضافة مسحوق لحم وعظام من أبقار تحمله. ونتيجة لذلك، زادت كثافة العامل المسبب وتزايدت وتيرة تعرض الأبقار له.
  • حاليًا، لا يوجد دليل على أن مرض جنون البقر يمكن أن ينتقل بشكل أفقي بين الأبقار عن طريق حركة الحيوانات الحاملة للمرض بين القطعان. ومع ذلك، يتواجد العامل المسبب في أنسجة المخ والنخاع الشوكي، وهناك دراسات إضافية تشير إلى وجوده في بعض أجزاء الأمعاء والأنسجة اللمفاوية. قد يتم نقله عموديًا إلى الأجنة عن طريق المشيمة.
  • تم تأكيد العدوى التجريبية في فئران التجارب. وتمت ملاحظة الإصابة بالمرض في الأبقار والقطط وبعض حيوانات حدائق الحيوان في المملكة المتحدة التي تم تغذيتها على أغذية أو أعلاف تحتوي على مسحوق لحم أو عظم.
  • نسبة الإصابة بالمرض تكون أعلى في الأبقار ذات الأعمار بين 4 و 5 سنوات، حيث أن أقل حالة ظهرت بها الأعراض كانت في سن 22 شهرًا، وأكبر حالة ظهرت بها الأعراض كانت في سن 15 عامًا

     

  • من الممكن أن ينتقل المرض إلى الإنسان بسبب تشابه العامل المسبب للمرض في الأبقار مع العامل المسبب للنوع الجديد المحور من مرض كروتزفيلد-جاكوب (nv-CJD).

أعراض جنون البقر

في الأبقار، يتميز المرض بفترة حضانة طويلة تتراوح بين 2 إلى 8 سنوات، ونسبة إصابة منخفضة. ومع ذلك، يتميز المرض بنسبة تفوق مطلقة تصل إلى 100٪، وتستمر دورة المرض لعدة أسابيع تتراوح بين شهر وستة أشهر. تتضمن الأعراض العصبية المتزايدة مع مرور الوقت تغيرات في السلوك والمزاج والحركة والإحساس.

فالأبقار المصابة تظهر تغيرات سلوكية تتمثل في عدم الرغبة في المرور في الممرات والأماكن المعتادة وقد تقوم بركل أثناء الحلب. كما تظهر رغبة غير طبيعية في لحس الجسم وقد تحك جسدها بشكل غير طبيعي. يمكن أن تصاحب هذه التغيرات السلوكية الترنح وعدم اتزان المشي والسقوط، وتصبح هذه الأعراض أكثر سوءًا مع مرور الوقت.

الأبقار المصابة تفقد الوعي وتظل متجهمة لفترات أمام أشياء غير موجودة، وتشعر بالخوف والهجوم بدون سبب واضح، وتصبح حساسة جدًا للمس والأصوات وتعاني من ارتعاشات في جميع عضلات جسمها. قد تشمل الأعراض السريرية الأخرى انخفاضًا في إنتاج الحليب وضعفًا متزايدًا يستدعي الذبح.

فيما يتعلق بالإنسان، تعتبر أمراض البريون النادرة ولكنها قاتلة، وتشمل ستة أمراض. يبدو أن مرض جنون البقر له صلة بمرض كروتزفيلد-جاكوب المحور الجديد القاتل (nv-CJD) في إنجلترا وفرنسا، والذي يصيب الأفراد الصغار في السن بمت

وسط عمر 28 عامًا وله أعراض إكلينيكية متميزة عن تلك التي يسببها مرض كروتزفيلد-جاكوب النمطي.

في الإنسان، تظهر على المرضى أعراض اضطرابات نفسية واضطرابات حسية في البصر والسمع والشم، تليها بعد أسابيع أو أشهر عدم اتزان عضلي ومشاكل تتعلق بانقباض العضلات، مع اضطرابات عقلية، ويموت المريض خلال 13 شهرًا من بدء ظهور الأعراض.

من الناحية التشريحية، يمكن رصد تغيرات هستولوجية مجهرية، تشمل ظهور فجوات ثنائية متماثلة على الجانبين في سيتوبلازم الخلايا العصبية وأنسجة المادة الرمادية، تشبه تكوين الإسفنج وتسمى هذه التغيرات آفات مرض الاسكرابي.

تشخيص جنون البقر

  • * في البداية، قد تكون الأعراض العصبية متشابهة مع تلك المرتبطة بأمراض أخرى مثل ارتفاع مستوى الأسيتون في الدم، ونقص المغنيسيوم، والإصابة ببكتيريا الليستيريا، وتسمم الرصاص والزئبق. ومع ذلك، بشكل عام، يجب مراقبة الأبقار التي تظهر عليها أعراض عصبية تتزايد مع مرور الوقت مثل الخوف والحساسية المفرطة للمس والصوت والترنح لأكثر من شهر، ويجب إجراء الفحص الهيستوباثولوجي.

     

  • * لا يوجد اختبار يمكن الاعتماد عليه لتشخيص العامل المسبب للمرض أثناء حياة الحيوان، وبالتالي يعتمد التشخيص على الفحص الهيستوباثولوجي. بالإضافة إلى ذلك، يستغرق اكتشاف بريون البروتين المحور “PrPsc” في أنسجة المخ من خلال الاختبارات المناعية الكيميائية الخلوية أكثر من عام، ويمكن اعتباره إضافة تشخيصية للحالات التي تظهر نتائج إيجابية للفحص الهيستوباثولوجي.

     

  • * يجب جمع العينات المطلوبة للفحص الهيستوباثولوجي بعناية، حيث يجب الحفاظ على المخ بكامله في محلول فورمالين بتركيز 10٪ في محلول ملحي، وحجم العينة يجب أن يكون 10-20 مرة حجم العينة المطلوبة، ويجب أن تشمل العينة المخ الأوسط والنخاع المستطيل بشكل كامل.

     

  • * يجب ملاحظة أن العامل المسبب لمرض جنون البقر لا يثير أي رد فعل مناعي يمكن رصده بواسطة التقنيات المناعية المعروفة حتى الآن.

علاج جنون البقر

مرض جنون البقر يُعتبر من الأمراض التي يجب الإبلاغ عنها، وهو مرض قاتل ولا يوجد له علاج. تتضمن طرق التحكم والسيطرة على المرض التالي:

  • * يجب منع استيراد الحيوانات الحية، بما في ذلك الأبقار والأغنام، وكذلك اللحوم والمنتجات الحيوانية والأعلاف الحيوانية من الدول التي تعاني من تفشي المرض أو يحتمل أن يظهر فيها.
  • * يجب فرض حظر شامل على استخدام مسحوق اللحم والعظم وأي مصادر بروتينية مشتقة من المجترات في أعلاف المجترات.
  • * ينبغي إجراء الفحص الهيستولوجي لأنسجة المخ في الأبقار التي تظهر عليها أعراض عصبية متزايدة.
  • * يجب تنفيذ برنامج مستمر لمراقبة وكشف المرض، والذي أوصى به المكتب الدولي للأوبئة في باريس لجميع دول العالم.
  • * ينبغي عقد ندوات تثقيفية لتعريف الأطباء البيطريين والمربيين بأعراض المرض وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي حالات مشتبه بها.
  • * ينبغي عقد ورش عمل وتدريب لأخصائيي الباثولوجيا لتعريفهم بأنماط المرض الباثولوجية وتدريبهم على تشخيصه.
  • * يجب منع استخدام لحوم أو منتجات حيوانية من المزارع أو المناطق التي ظهر فيها المرض للإنسان أو الحيوان.
  • * يجب منع استخدام لقاحات وأدوية ومنتجات بيولوجية تستخدم مواد بقرية من الدول التي تعاني من تفشي المرض أو يحتمل ظهوره فيها.
  • * فيما يتعلق بالتعامل مع المرض في المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي:
  • – يجب تنفيذ برنامج الذبح لجميع الأبقار المشتبه بها، والتخلص الصحي من الجثث عن طريق الحرق أو الدفن، وتعويض المزارعين.
  • – يجب التخلص الصحي أيضًا من المنتجات المولودة من أمهات إيجابية للمرض عن طريق الحرق والدفن.
  • – ينبغي تعريض مسحوق اللحم والعظم للحرارة عند درجة حرارة 140 مئوية تحت ضغط جوي لمدة ساعة وفقًا لتوجيهات الاتحاد الأوروبي.
  • – يجب عدم طرح الأنسجة المرتبطة بالعدوى، مثل أنسجة المخ والحبل الشوكي والغدة التمويثية واللوزة والطحال والأمعاء ومنتجاتها، للاستهلاك البشري، ويجب عدم إدخالها في أعلاف الحيوانات والدواجن.
  • – يجب حظر استخدام الألبان ومنتجاتها من الأبقار المشتبه بها، على الرغم من عدم إشارتها في عملية انتقال العامل المسبب للمرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock